تتمتع تركيا بمكانة تاريخية و لها دور بارز ما بين أوكرانيا وروسيا منذ عهد الإمبراطورية العثمانية حيث يقوم الدور التاريخي لتركيا في أوروبا الشرقية ، أي بنيت روسيا وأوكرانيا على أسس ديموغرافية وجغرافية وثقافية لأن الأتراك حكموا جغرافية العالم لمدة ثلاثة قرون وما زال يعيش العديد من الأتراك المُسلمين في أراضي الأطراف المــتحاربة في تلك الدول, و يمكن فتح المنطقة على العالم جغرافياً عبر البحر الأسود ومضيق البوسفور و ليس لتلك البلدين طريق آخر يمكن أن يربطهم بأسواق العالم إلا عبر هذا المعبر الموجود في أراضي تركيا
.
بصرف النظر عن الظروف التاريخية والثقافية والإجتماعية والديموغرافية المعلنة، يدعم الوضع السياسي العالمي اليوم أيضًا دور تركيا في المنطقة لأن دول المنطقة التي تخلصت من هيمنة روسيا بعد فترة الحرب الباردة مازالت تخشى أن تغزو روسيا بلدانها مرة أخرى
.
و ثانيًا، تخشى دول الإتحاد الأوروبي أن تهدد روسيا بلدانها مرة أخرى ، كما في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية
.
وثالثًا، يريد الناتو الحفاظ على هيمنته في المنطقة ومنع السياسات التوسعية لروسيا , ومن المعروف أن تركيا كانت القوة العسكرية الأكثر أهمية في حلف شمال الأطلسي منذ فترة الحرب الباردة كونها كانت عضوًا في هذا التحالف، وقد التزمت تركيا سياسيًا بحماية سيادة أوكرانيا , و كما هو معروف أن تركيا دولة في طريقها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي
.
ورابعا ,هناك مشكلة شبه جزيرة قريم ذات أهمية تاريخية لتركيا لأن شعب قريم مسلم و تركي و كانت بلدة مسلمة ولكن اليوم هي تحت سيطرة روسيا و تركيا لا تعترف بهذا الإحتلال الروسي .
بينما تعتبر تركيا نفسها مضطرة للعب الأدوار المنصوص عليها فيما يتعلق بأوكرانيا ، من ناحية أخرى ، فهي دولة لديها شراكات سلمية وإقتصادية وسياسية مع روسيا, وتركيا دولة تعتمد على روسيا من حيث الطاقة وليس لديها مصادر طاقة بديلة مثل دول الاتحاد الأوروبي ثانيًا ، تستمر الاستثمارات الصناعية المشتركة بين تركيا وروسيا اليوم كما في الماضي وثالثًا ، هناك العديد من الجمهوريات التركية التابعة للاتحاد الروسي وهناك أنشطة ثقافية قوية بين هذه لجمهوريات وتركيا.
ورابعاُ ، لدى أرمينيا سياسات عالمية قائمة على كراهية الأتراك ، وفي نطاق هذه السياسة ، تنظم أرمينيا هجمات على أذربيجان ، وهي دولة تركية ، وترتكب جرائم قتل جماعي على الأتراك المسلة في ففقاسي , و من خلال دعم أرمينيا ضد الأتراك ، تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها بناء دولة إحتلال ، على غرار بناء دولة إسرائيلية بين الدول التركية.
وخامسا اتبعت الولايات المتحدة وحلفاؤها سياسة تقطيع أوصال العراق وسوريا ، وهو ما يعني أيضًا زعزعة استقرار تركيا فلهذه الأسباب ، لا تثق تركيا بالولايات المتحدة وحلفائها
.
وكل العالم يشهد أن تركيا تلعب دورا هاما وسيطا بين الطرفين المتحاربين في المنطقة في سياق كل هذه الظروف المتضاربة و للأسباب المُوضحة ، يحترم كلا الطرفين المتحاربين سياسة تركيا القائمة على التوازن.
فإن سياسة التوازن التي تنتهجها تركيا بين الأطراف المتحاربة ليست فقط في مصلحة كلا الجانبين، ولكنها مهمة أيضًا للأمن الغذائي العالمي لأن خمسة عشر بالمائة من احتياجات العالم الغذائية يتم تلبيتها من أوكرانيا ويمكن لروسيا إغلاق هذا الممر ضد الحظر الاقتصادي المفروض على بلدها بطريق أمريكا واتحاد أوروبيو , وتطرح تركيا قاعدة عدم فرض حظر على الصادرات الغذائية الروسية وهكذا، استُثنيت الحبوب الروسية أيضًا من الحظر ، وبوساطة تركيا والأمم المتحدة، خفت أزمة الغذاء رغم الحرب ونتيجة لذلك، أدت وساطة تركيا إلى التمديد الثالث لاتفاقية الممر الغذائي حتى الآن
.
ومنه يمكننا القول أن المجتمعات الفقيرة في العالم محمية من خطر الجوع و يمكن للطرفين المتحاربين تصدير الحبوب إلى الأسواق العالمية تحت إشراف تركيا.
14.06.2023#العرب_نيوز ” أخبار العرب كل العرب